نیسان 16, 2015 Omer توێژینهوه لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە دراسة مقارنة بين عمليات الهولوكوست و حملات الانفال اوجه التشابه بين النظام الحاكم فى المانيا النازية والعراق البعثى
دراسة مقارنة بين عمليات الهولوكوست و حملات الانفال
اوجه التشابه بين النظام الحاكم فى المانيا النازية والعراق البعثى
ليست هناك جريمة ترتكب بحق شعب اومجموعة لها خصائص مشتركة اعتباطيا، وانما هى نتيجة تراكم مجموعة من العوامل التى تشترك و تتفاعل مع بعضها البعض بحيث تكون محفزة و مهيأة للارضية التى يتم عن طريقها ارتكابها ، و نظرا لحجم جرائم الإبادة الجماعية و طبيعة كل منها فإن العوامل المحفزة والمهيأة للجريمة تكون متعددة ومتنوعة ، حسب نوع الجريمة وظرفي المكان والزمان الذى حدثت فيه ، وأن النظام السياسي له دور أساسي فى تهيئة الارضية و مستلزمات تنفيذها وفق ما تقتضيها حاجتها للوصول الى الغاية التى تبتغيه ، لذا فمن الطبيعى ان تستفاد تلك الانظمة من التجارب السابقة فى هذا المجال لتحقيق غاياتها ، كذلك فإن الانظمة المتشابهة فى تكوينها و خلفيتها الفكرية غالبا ما تلجأ الى نسخ جزء من التجارب المدونة فى التاريخ ، أو الاستفادة الضرورية منها لتحقيق افضل نتائج ممكنة على مختلف الاصعدة والوصول الى غايتها، لذا يمكن القول بان هناك علاقة طردية بين مدى تشابه الانظمة السياسية و طبيعة الحكم و حجم الجرائم المرتكبة، الامر الذى نحاول دراسته فى مقارنة بحثية بين جريمتى الانفال والهولوكوست .
للوصول الى مقارنه اكاديمية بحثية بين تلك الجريمتين يجب تحليل ومقارنة ا لعناصر التى مهدت الارضية الفكرية والقانونية والسياسية و المادية للجريمتين ، و التعرف على أوجه التشابه والاختلاف فيما بينها و التى يمكن تلخيصها وفق “طبيعة النظام السياسي الحاكم ” ” العوامل المؤثرة فى تهيأة الجريمة” ” تحديد الشريحة أو المجموعة التى تنفذ ضدها الجريمة” ” مراحل و آلية تنفيذ الجريمة” وبالتالى النتائج و عواقب الجريمة من مختلف الجوانب، و هنا نحاول التركيز على طبيعة النظام السياسى باعتباره الفاعل الرئيسى فى تهيأتها و تنفيذها ، للتعرف على مستوى التشابه بين النظامين الالمانى فى زمن النازية والنظام العراقى فى زمن البعث.
طبيعة النظام السياسي الحاكم
طبيعة النظام السياسي الحاكم فى اى بلد ينعكس بشكل مباشر على حياة و مصير شعبها فى شتى مجالات الحياة ، لما يملكه من قدرة مادية و معنوية فى تشريع و تنفيذ القوانين ، وفقا لما تمليه أيديولوجيتها و وضعها السياسي والاقتصادى للوصول الى غاياتها معتمدةُ على نوع نظام الحكم والإمكانيات المتوفرة لديها ، لذا نرى بان الانظمة الديمقراطية ذات التعددية الحزبية تنتهج اسلوب التوافق فى تشريع اغلب قوانينها ، معتمدةُ على المؤسسات التنفيذية الغير خاضعة للمؤسسة الحزبية للحزب الحاكم ، و هذا يجعل قرارتها غير تعسفية و تنطلق من المنظار الايديولوجى للاحزاب الممثلة فى برلمانها ، بينما تتصف قوانين الأنظمة الدكتاتورية او انظمة الحزب الواحد بالحدية و التعسفية فى اغلب الاحيان والاكراه فى تنفيذها ، و عادة تلجأ الانظمة الاحاية الحزب الى الارهاب الداخلى لفرض سلطته وتنفيذ قرارته ، هذا الاسلوب الذى كانت تتبع فى كل من النظامين الالمانى و العراقى أبان الحكم النازي والبعثى فى البلدين .
للوقوف على طبيعة النظام السياسي الحاكم فى البلدين يجب دراسة عناصر النطام السياسي الحاكم فى كل من المانيا والعراق قبل و اثناء تنفيذ الجريمتين بشكل موجز ، من خلال مقارنة اوجه التشابه والاختلاف فى النظامين فى عدةمجالات كـ اسلوب الحكم ، افكار و طبيعة الحزب الحاكم و طبيعة و دور النخب السياسية الحاكمة فى كلتا البلدين.
أ – اسلوب الحكم
هناك تشابه فى نظام الحكم فى كل من المانيا النازية و عراق البعث، على الرغم من اختلاف اسلوب تسلم السلطة من قبل الحزبين النازي والبعثى فى البلدين ، فكان نظام حكم الحزب الواحد الحاكم والذى كان خاضعا لرئيس الدولة و( رئيس الجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة فى العراق و القائد “ fuher” الاول المستشار والرئيس فى المانيا) حيث كان يتمتع كل منهم بكافة الصلاحيات الدستورية فى البلدين، و كان لهما السيطرة المباشرة على السلطات التشريعية، التنفيذية و القضائية ، والتصرف بالاقتصاد والمسؤولية المباشرة على القوات المسلحة واجهزة الامن فى الدولة. مسخرة جميع طاقات الشعب و دوائر ومؤسسات الدولة لخدمة المؤسسة الحزبية الخاضعة للقائد الاوحد لتثبيت حكمه و تنفيذ سياساته ، هو الاسلوب المتبع فى نظام الحكم . بالإظافة الى السلطة المطلقة للقائد فإن المؤسسة الحزبية كانت تحتل المرتبة الثانية فى ممارسة السلطة ، فبالإظافة الى ان افكار الحزبين النازى والبعثي الحاكمين كانتا الارضية الفكرية لسن القوانين و قرارات الحكومة ، كان لهما أيضا دور رقابى على جميع مؤسسات الدولة فى تنفيذ القرارات والولاء للدولة و لشخص القائد، و صفة الانتماء الحزبى كانت من الشروط الاساسية للعمل فى بعض مؤسسات الدولة الهامة [1]، اما الجهة الثالثة التى كانت لها السلطة فهو الجهاز الامنى (الجوستابو ) فى المانيا و المخابرات ،الامن والامن الخاص فى العراق لحماية الدولة، و يليهما الجيش كقوة ضاربة للأعداء والمناوئين الداخليين والخارجيين ، حيث كان لهما دور واضح فى جريمتى الهولوكوست والانفال.
ان استعمال العنف يعتبر ايضا من الاساليب التى اتبعتها الحكومتين الالمانية والعراقية فى تعاملها مع المشاكل الداخلية و من وجهة نظر قومية بحته ، كذلك التطلع الى اخذ دور قيادى فى قيادة اوروبا من قبل الالمان و قيادة العالم العربي من قبل البعث.
على الرغم من التشابه الكبير فى اسلوب الحكم فى البلدين و كما ذكرنا فإن هناك اختلاف كبير فى طريقة وصول الحزبين الى الحكم ، فالحزب النازي وصل الى مقاليد الحكم عن طريق الانتخابات البرلمانية و تسلم هتلر لمنصب مستشار المانيا ، وعند حصول الحزب على الأغلبية مع الأحزاب المتحالفة معها ، الغى و بشكل تدريجى نشاط جميع الاحزاب و المنظمات السياسية الأخرى ، والتى كان لها دور فى الحياة السياسية فى المانيا خصوصا الأحزاب الشيوعية التى اعتبرتها عدوة و تهميش البقية ، منفردا بالحكم و احكام قبضته على المؤسستين التشريعية والتنفيذية و القضائية، بينما سيطر حزب البعث العربى الاشتراكى على مقاليد الحكم فى العراق عن طريق الانقلاب [2] العسكرى و بتنسيق مع الاحزاب الناشطة على الساحة السياسية العراقية عن طريق اقامة جبهة وطنية مع تلك الاحزاب ، ثم ضربهم بعد تثبيت قبضته على مقاليد الحكم.
ب – طبيعة الحزب الحاكم
– الحزب الحاكم فى المانيا هو حزب العمال الالمانى [3] الذى تأسس فى 5/1/1919 فى ميونيخ، حيث تحول فى العام 1920 الى ( حزب العمل القومي الاشتراكى الالمانى ) و اطلق عليه الحزب النازي كمختصر للتسمية.
اعتمد الحزب فى سياساته بالدرجة الاولى على معادات كل ما هواجنبى وبالأخص اليهود والغجر إضافة الى الشيوعية ، واتهامهم بالسبب الأول لدحر ألمانيا فى الحرب العالمية الاولى و العوامل الرئيسية لضعف و فقر المانيا، كذلك ركز على اليهود بحجة كونهم متنفذين و مؤثرين فى السياسية البريطانية والفرنسية ، الدولتان الرابحتان للحرب العالمية الاولى المؤثرتان بشكل مباشر فى فرض معاهدة فرساي [4] على المانيا خاسرة الحرب العالمية الاولى، إضافة الى البنية الايديولوجية للحزب النازي المبنى على معاداة السامية التى نادى بها الداعية الالمانى (ويليام مار) فى العام 1879 الذى كان يعادى اليهودية كدين ، ومن ثم تحول الى معاداة السامية كعرق ، كون اليهود ينتمون الى ذلك العرق، هذه الفكرة التى انتشرت فى المانيا منذ ذلك التأريخ ولقت رواجا فى اوساط المجتمع الالمانى، و قد هيأت بنود معاهدة فرساى التى اثقلت كاهل المانيا اقتصاديا و سياسيا و عسكريا ارضية تقبل فكرة النازية للخروج من الوضع الذى يعيشه ، الامر الذى مهد الطريق لهتلر لإتخاذها ذريعة باتهامهم بالسبب الاول للتدهور الاقتصادى لالمانيا كما يشير اليه بشكل مباشر فى كتابه (كفاحي) الذى الفه وهو فى السجن فى معتقل لاندسبيرج فى العام 1924. [5]
ركز الحزب النازي فى توسيع قاعدته الجماهيرية على العناصر الغير متعلمة والمسحوقة اقتصاديا اعتمادا على ترسيخ الروح القومية و سمو العرق الآرى فوق الاعراق والشعوب الاخرى و تقديس الروح القومية و المناداة بتنقية العرق الآرى كما جاء فى تشريعات قانون نورمبيرج فى العام 1935[6]، حيث يصنف مدى نقاء المواطن والحقوق المدنية التى يتمتع بها كل صنف.
يعتبر الحزب النازى الرابطة القومية من اهم و اقدس الروابط ( العقيدة القومية فوق جميع العقائد) [7] ، كذلك ينادى بتوحيد الالمان جميعا فى دولة المانية واحدة و يقصد فقط الالمانيين الذين تجرى فى عروقهم الدم الالمانى [8] ، و يطالب بطرد جميع من هوغير المانى حسب المعايير التى يحدده [9]. و قد اصبحت الافكار التى ناشد بها فى كتابه ( كفاحي) الاساس الفكرى لتأجيج الروح القومية للشعب الالمانى و سموه على كل من هو غير المانى و دعوته الى توحيد الالمانيتين (النمسا والمانيا) و تنقية المجتمع الالمانى ممن شبههم بالجراثيم التى تأكل فى جسد الوطن القومى الالمانى من الشوائب العرقية، و يبنى فكرته على مبدأ تقسيم البشرية الى درجات فى الرقى بادئاُ بالعرق الاري و العرق الشمالى [10] الذي يسموا على بقية الشعوب و يتدرج الى الاسفل حيث الافريقيين واليهود والغجر والمصريين يأتون فى نهاية التدرج، الامر الذي مهد الى تطبيق احد مبادئ النازية التى تقول ( تصفية الأحياء الذين لايستحقون الحياة كاليهود والغجر فيما بعد ) [11].
و تبنى الحزب النازى افكار اشتراكية قومية معادية لكل ما هو اممى ، حيث ينتفض على وجهة نظر الرأسمالى الذي يستغل العامل ولا يهمه ان كان المانيا أم لا، و يدعوا الى بناء رأسمالية من الطبقة الوسطى و ضرب الشركات الكبيرة له لتجميع الاقتصاد فى يد شريحة موالية و مؤيدة للحزب ( نحن نطالب بتقسيم الارباح فى المصانع الكبيرة ) [12] ، (– نطالب بتشجيع و مساندة الطبقة الوسطى ، يجب وعلى الفور تأجير المحلات التجارية الكبيرة باسعار رخيصة للتجار الضغار ، مع التركيز على امكانية التجار الصغار تزويد المستلزمات الضرورية التى تحتاجها الدولة والمقاطعات و البلديات. ) [13]. كذلك ضد الشيوعية بإعتبارها تهمش القومية.
وركزالحزب كذلك على بناء و إزدهار الصناعات من جيل قومى مؤمن بافكار الحزب لتسلم الإدارات و المؤسسات المختلفة (لكى نرفع من كفاءات الصناعيين الالمان ، و توفير الامكانيات للوصول الى مواقع رئاسية، على الدولة تحمل مسؤلية تاسيس مؤسسات لرفع الثقافة التنظيمية للشعب ، و تاسيس مؤسسات تتبع مناهج تتماشى مع مبدا الدولة ( العلم والمواطنة) من خلال المدارس منذ المراحل المبكرة للدراسة. نحن نطالب بان تتحمل الدولة نفقات التعليم للطلبة الاكفاء من العوائل الفقيرة بغض النظر عن مكان سكنهم و نوع العمل الذى يؤدونه ) [14].
– اما حزب البعث فقد تأسس كحركة قومية ضد الاتفاق الفرنسى التركى على لواء الاسكندرونة فى عام 1932 و ضمها الى تركيا بشكل نهائى فى العام 1939 ، على يد كل من ميشيل عفلق و صلاح البيطار المتأثرين بالثقافة الفرنسية والتغيرات الفكرية على الساحة الاوروبية اثناء دراستهما فى فرنسا كذلك التغيرات السياسة على الساحة الشرق اوسطية بعد الانقلاب الذي قام به رشيد عالى الكيلانى فى العراق ضد الانجليز فى العام 1941 ، وقد تأسس الحزب بشكل رسمى فى دمشق بتاريخ 7/4/1947 ، واندمج حزب البعث مع الحزب العربى الاشتراكى فى العام 1953 فى حزب واحد هو (حزب البعث العربى الاشتراكى) ، كحزب قومى علمانى مؤمن بإحياء الأمة العربية و توحيدها.
تبنى الحزب مبدأ الاشتراكية القومية و سيطرة الدولة على شرايين الاقتصاد الحيوية و يؤمن بالتكامل الاقتصادى بين الاقطار العربية [15]. و اتباع اسلوب الإنقلاب فى تسلم السلطة و إحداث التغييرات على مختلف الاصعدة.
ركز حزب البعث على سمو الرابطة القومية والانصهار القومى على الروابط الاخرى (الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة ، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والاقليمية ) [16] ، ينظر حزب البعث الى المرأة كآلة للتكاثر واعتبر زيادة النسل كواجب قومى و مُسيَر من قبل الدولة [17] وقد اكد على حصر التعليم وبناء جيل قومى بيد الاساتذة العرب ( حصر مهنة التعليم وكل ما له مساس بالتربية بالمواطنين العرب ويستثنى من ذلك التعليم العالي ) [18] ، كذلك يدعوا الى ابعاد كل من هو غير عربى او لا ينصهر فى البوتقة العربية عن الوطن العربى حيث يذكر (يجلى عن الوطن العربي كل من دعا او انضم الى تكتل عنصري ضد العرب وكل من هاجر الى الوطن العربي لغاية استعمارية ) [19] . كذلك يفرض شرط الانصهار القومى للقوميات الاخرى التى تعيش فى الوطن العربى كشرط للمواطنة حيث يذكر ( تمنح حقوق المواطنين كاملة لكل مواطن عاش فى الارض العربية و اخلص للوطى العربى وانفصل عن كل تكتل عنصرى) [20] التأكيد على سمو تلك الرابطة فى مجالات اخرى كالاقتصاد حيث يذكر ( الوطن العربى وحدة سياسية اقتصادية لا تتجزأ ولا يمكن لأى قطر من الاقطار العربية ان يستكمل شروط حياته منعزلا عن الاخر ) [21].
ويرى حزب البعث بان الشعب العربي هو الضحية والُمضطًهد من قبل القوميات والاقليات الاخرى وهى متآمرة مع الاستعمار ضد الشعب العربي ) ليس هناك اقليات مضطهَدة وطوائف مضطهَدة وانما هناك اكثرية شعب مضطهَد هو الشعب العربي، وهناك اقلية مضطهِدة من المتآمرين مع الاستعمار. العربي والكردي والبربري والاشوري والمسلم والمسيحي والدرزي الخ.. افراد الشعب الذين يشكلون 90 بالمائة من افراد الأمة العربية مضطهدون محرومون من قبل أقلية تستغل الأوضاع الفاسدة وتستفيد من وجود الأجنبي ( [22] ، ويضعها امام الاختيار اما الانصهار فى بوتقة القومية العربية او الخضوع التام للدولة لكى يتسنى لهم العيش بسلام او الجلاء عن الوطن العربى كما جاء فى المادة 11 من دستور الحزب ( لا أحد يمنع الأكراد ان يتعلموا لغتهم شريطة ان يكونوا خاضعين لقوانين الدولة ولا يشكلون خطرا على الدولة، والطوائف المسيحية مثلا لا يوجد من يمنعها من ممارسة شعائرها الدينية ومن الثقافة المسيحية ضمن هذه الثقافة العربية العامة ) [23] ، و ) هل نقول اننا نريد ان نتحرر من الاستعمار اولا تحت الشعارات الملائمة التي تجمع ولا تفرق بعد ذلك نسعى أن نزيل هذه الفروق، أو أن نظهر للبربر الذين يتحفظون تجاه القومية العربية بأنها عين ما يطمحون اليه وانها حريتهم وحياتهم وازدهارهم وانها القوة الحقيقية؟ ثم بأنهم لن يكونوا فئة قليلة وبأنهم سيكونون جزءا من امة واسعة منتشرة في الشرق والغرب وهذا اضمن لقوتهم وسعادتهم؟ فالواقع ان المستقبل هو ابن الحاضر وان ما نتساهل فيه اليوم لن نستطيع تلافيه غدا ). [24] حيث يحذر من مغبة التلكأ فى الصهر القومى للاقليات الاخرى .
بالإضافة الى النقاط المتشابهة المذكورة اعلاه فهناك نقاط مشتركة في مجالات أخرى كبناء جيش غير نظامي ( الجيش الشعبى ) و بناء طلائع هتلر فى المانيا و طلائع البعث فى العراق ، مصادرة الاراضى والاملاك الخاصة و توزيعها على الموالين للسلطة ، بناء سلطة مركزية تسيطر على شرايين الحياة المختلفة ، جعل المرأة كآلة انجاب حيث اعتبر هتلر بان الانجاب من الواجبات القومية كذلك فإن البعث اعتبره واجب قومى وامانة فى رقبة الاسرة ، اتباع سياسة الترحيل لليهود فى المانيا واوروبا الغربية فى اواسط ونهاية الثلاثينيات من قبل النازية ، وتسفير الكورد الفيليين بجة التبعية وترحيل الكورد من مناطق مختلفة من كوردستان فى السبعينيات و الثمانينيات، اللجوء الى الحرب التوسعية و التملص من المواثيق و المعاهدات مع الدول المجاورة، و اللجوء الى الحل النهائى لحل مشكلة اليهود والكورد، ففى العام 1941 أنيطت قيادة مهمة إبادة اليهود فى المانيا الى راينهارد هايدرخ [25] فى عملية الحل النهائي لمشكلة اليهود و إقامة معسكرات التطهير العرقى وإبادة اليهود والذى بدأ بتنفيذه فى العام 1942 ، فيما انيطت عمليات الانفال الى على حسن المجيد [26] فى مارس 1987 للقيام بتنفيذ الحل النهائي لمشكلة الكورد والذى بدأ بتنفيذه فى العام 1988 .
د – طبيعة النخبة الحاكمة
طالما ان اصدار القرارات و تنفيذها هى مسؤولية النخبة الحاكمة وصناع القرار فى بلد معين ، منبثقة من منطلق تطبيق افكارها و الحفاظ على بقائها فى السلطة و حماية امنها الداخلى والخارجى لما تملى عليه مصالح ة و وفق التحديات او المخاطر التى تعتبره تهديدا لها ، لذا فإن طابع القرارت المتخذة فى الدول التى تحكمها حكومات منبثقة من برلمانات منتخبة تأخذ بنظر الإعتبار الاتجاهات المختلفة فى التفكير للاحزاب التى تتقاسم الحكومة مع مراعات آراء الاحزاب الاخرى الممثلة فى البرلمان ويلاحظ المرء بأن البت فى القرارت المصيرية يتم عن طريق الاستفتاء الشعبى المباشر ، وفى هذه الدول تأطر القرارات فى حدود الدستور العام للبلد و صناع القرار السياسى لا يقتصرون فقط على النخبة السياسية الحاكمة فقط بل تشارك فيه المنظمات غير الحكومية و مؤسسات ذات التأثير الشعبى بالإضافة الى مؤسسات استشارية فى مجالات عدة ، وفى هذه البلدان تكون سلوكية رئيس الدولة او رئيس الوزراء ذات تأثير جانبى و غير مؤثر فى كثير من الاحيان على القرار السياسى. بينما فى الدول التى تحكمها انظمة دكتاتورية او نظام الحزب الواحد والقائد الواحد فتكون القرارت مرآة لسياسة الحزب الحاكم و يتبع سايكولوجية صناع القرار والذى فى كثير من الاحيان يتبع رئيس الدولة او النخبة القليلة المسيطرة على زمام الحكم.
حسب ما بيننا آنفا فإن النظامين المانيا النازية و العراق البعثى كانتا انظمة الحزب الواحد التابع للقائد الاوحد ، لذا فإن عملية صناعة القرار السياسى و مراقبة تنفيذه كانت مقتصرة على نخبة قليلة من الحكام و المتمثلين بشخص رئيس الدولة ( القائد fuher ) فى المانيا و رئيس الجمهورية فى العراق و عدد من المقربين الموالين تماما لشخصية الرئيس .
فإذا اخذنا طبيعة الشخصيات التى كانت لها الدور الرئيسي فى صناعة القرار السياسي فى البلدين والذى كان له الاثر البالغ على تربية و تهيئة جيل تابع فكريا و نفسيا للانصياع التام الى كل ما يصدر من الحاكم دون الرجوع الى التفكير بسلبيات او ايجابيات تلك القرارات و تنفيذها، لذلك فمن الضروري التعرف على بعض الخصائص البارزة فى حياة و طريقة تفكير اصحاب القرار والذي يقتصر فى شخص مصدر القرار و المهيمن على شرايين الحياة فى كل من المانيا و العراق.
ادولف هتلر [27]Adolf Hitler ، قائد المانيا ولد فى العام 1889 من ابوين نمساويين، فقد ابوه فى سن مبكرة، لم يتمكن من اكمال دراسته لعدم اكماله الدراسة الثانوية ، كان مؤمنا باحياء القومية الالمانية، دخل الجيش اثناء الحرب العالمية الاولى و استمر بعدها و كانت مهمته محاربة و ضرب الحركات الاشتراكية و من المنادين و المؤمنين بان سبب خسارة المانيا للحرب هم الشيوعية واليهود، رجل يؤمن بالمصادمة و يفضلها على الحل السياسى اوالاتفاق وقد اعتقل بسبب المحاولة الانقلابية الفاشلة فى منشن فى عام 1923 و حكم عليه بالسجن لمدة خمسة سنوات بتهمة التخريب، اهتم كثيرا بالبوليس السرى (الجستابو) و استعمله لتصفية معارضيه ، دخل الحزب النازي و تأثر بشكل كبير بافكار (انتون د ريكسلر Anton drexler ) [28] مؤسس الفكر النازي اهتم بالإعلام و بنى إذاعة راديو يغطى كل انحاء المانيا للترويج لافكاره، تعظيم الذات و اظهار نفسه كالمنقذ الوحيد لكرامة الالمان و إعادة مجده واختيار لقب القائد لنفسه، دمج اعلى سلطتين فى المانيا ( رئيس الدولة و مستشار المانيا فى العام 1934 ) بالاضافة الى اناطة مسؤولية الامن و الجيش للمقربين والموالين له ليكون الآمر والناهى الاول على جميع مجالات الحكم. امثال رودولف هاس [29] الذى تعرف عليه فى السجن ، و جوزيف جوبلز [30] مسؤلا للإعلام و هيرمان غيورينغ [31] مسؤلا للـ جيستابو و هينريك هيملر [32] قائد القوات الخاصة و المساعد القوى لهتلر. الصفات المتشابهة فى الشخصيات المذكورة اعلاه هو استعمال العنف فى تنفيذ القرارات ، الولاء التام لهتلر، و اهتزاز الشخصية امامه.
اما الرئيس العراقى صدام حسين فقد ولد من عائلة عربية، ولد يتيم الأب و تربى فى بيت خاله خيرالله طلفاح [33] الذى كان من القوميين العرب ذا توجه قومى متطرف ، و الذى تولى تربيته منذ الصغر ويعتبر المعلم الفكرى و السياسى له ، والذى كان له الاثر فى ترسيخ هذه النزعة لدى صدام حسين، انتمى الى حزب البعث فى العام 1957 بتأييد وتشجيع منه، الصفة السائدة لشخصية صدام حسين هو العنف وقد سجن بسببه عدة مرات بسبب تورطه فى محاولات تصفية الاعداء و المناوئين الشخصيين والسياسيين، اهتم بالامن و اسس جهاز الامن الحزبى قبل سيطرة حزب البعث على الحكم و تسلم مسؤ ولية الامن بعدها لحماية السلطة من اعدائها و تصفية المعارضين و تنحيتهم ، ثم سيطر بعدها على الاعلام و التربية لترويج افكار حزب البعث ، اظهر نفسه كأنه القريب الوحيد لطموحات الشعب و المنقذ الوحيد لكبرياء العرب ، اجبر رئيس الجمهورية احمد حسن البكرعلى التنحى و سيطر على الرئاسة فى عام 1979 ، قام بعدها بتصفية جميع معارضيه داخل الجهاز الحزبى و السيطرة على تسليم الشرايين الاساسية الى المقربين والموالين له امثال عزة الدورى [34] نائبا له، ابن خاله عدنان خيرالله طلفاح (ترقى منصب وزارة الدفاع فى بداية الثمانينات و قتل فى عام 1984) و حسين كامل (صهر صدام حسين ) وزارة التصنيع العسكرى ، طه ياسين رمضان [35]، برزان التكريتى المخابرات، على حسن المجيد (على كيمياوى) [36] المسؤل الاول للحزب و الاجهزة الامنية و العسكرية للمنطقة الشمالية اثناء حملات الانفال و تنفيذ الحل النهائي للمشكلة الكوردية حسب ما كان يدعى، ونصب نفسه قائدا اعلى للقوات المسلحة ، القائد العام لاجهزة الامن والمخابرات ، رئيس مجلس الوزراء ، رئيس الحزب وقد تخلى عنها الى ابنه قصى ، واعتمد فى تنفيذ سياساته على العناصر القومية الموالية ولاءا تاما فى المراكز الحساسة فى الجهازين العسكري والامنى والقضائي ، امثال نزار الخزرجى ، هاشم سلطان ، صابر الدورى ، طاهر العانى ، فرحان مطلق الجبورى، عواد البندر ، محمد حمزة و غيرهم. ان الصفات المشتركة لهذه العناصر هو الولاء الشخصى لصدام ( علما بأن اعدادا آخرين كان لهم ادوارا فى تنفيذ الجرائم هربوا بعد ظهور بوادر ضعف النظام) و للعقيدة القومية التى بني عليه النظام السياسى، استعمال العنف فى تنفيذ القرارات و اهتزاز الشخصية امام رئيس الدولة و اعضاء اسرته.
الخلاصة
يتبين من السرد المختصر آنفا بان هناك تشابه كبير بين طبيعة النظام الحاكم فى المانيا فى الفترة بين 1933 – 1944 و بين النظام الحاكم فى العراق فى الفترة ما بين 1968 – 2003 ، فى نواح كثيرة يمكن تلخيصها فى ما يلى:
– التطابق فى الارضية العقائدية للحزبين النازي والبعثى حيث يؤكدان على سمو الانتماء القومى والعقيدة القومية على كل العقائد “المادة 13 من دستور الحزب النازي و المادة 15من دستور حزب البعث”. كذلك وضع شروط للمواطنة مع الاختلاف فى الشكلى فى الطرح ، حيث اكدت النازية على النسب الالمانى والعرق الآرى ، بينما اكد حزب البعث على الانصهار فى البوتقة العربية، فيما نرى بان حزب البعث يشترط على المعلمين ان يكونوا من ابوين عربيين لتربية الجيل الجديد “المادة 49 من دستور البعث” و اناطة المناصب الرفيعة المستوى والحساسة للمنتمين الى القوميتين “المادة 6 من الدستور النازى والمادة 20 و 49 فى دستور البعث. وقد استخدم الحزبان فى دستوريهما فكرة أضطهاد الاغلبية الالمانية والعربية للأقليات من القوميات الاخرى [37] ، و دعا الى طرد الاجانب من الاراضى الالمانية و العربية ” المادة 7-8 من الدستور النازى و المادة 11 من دستور البعث” بالإضافة الى وضع برامج للتغيير فى مجالات الصناعة و التجارة والزراعة والتعليم ضمن الاطر القومية و ترسيخها فى المجتمع و تشجيع نشوء طبقة وسطية موالية للسلطة و ايديولوجية الحزبين النازي والبعثى. كذلك فإنه على الرغم من ان الحزبين انتهجا مبداً علمانيا فى طروحاتهم و سياساتهم الا انهم استخدما الدين لمساندة الفكر السياسى “استعمال الصليب المعكوف من قبل النازية و الذى يعود تاريخه الى عدة قرون و علامة الزائد للدلالة على حسن الطالع ، و التمجيد بالاسلام العروبى لدى البعث” [38] ، وقد اكد النازيون على المسيحية الايجابية فى نظرتهم للدين .
هناك تطابق فى نظرة الحزبين للشيوعية و اليهود والبريطانيين والفرنسيين و يعتبرون الاعداء المشتركين لهم ، فكرة توحيد الوطن الالمانى وبناء دولة المانية قوية تسيطر على اوروبا و تقودها تحت رايتها لدى النازية ، تقابله فكرة البعث فى توحيد الامة العربية والتكامل السياسى والاقتصادى بقيادة حزب البعث ، استعمال العنف للوصول الى الغايات تعتبر أيضا من الصفات المتطابقة لدى الحزبين فالحزب النازي يدعوا الى التخلص من كل المناوئين و الذين يسيئون الى الدولة الالمانية و يسببون لها الضرر على المستويين السياسي والاجتماعى والالقتصادى (المادة 18 من الدستور الالمانى) ويحلل قتلهم ، بينما يفرض البعث الانصهار الكامل فى البوتقة العربية كشرط لقبولهم كمواطنين و فى حالة الممانعة فعليهم القبول كمواطنين من الدرجة الثانية يحرمون من بعض الحقوق الذي يتمتع بها المواطن العربى ، و إذا حاولت اقلية قومية او مجموعة عرقية الحفاظ على خصائصها فيحلل طردهم من الوطن العربى او معاملتهم كاعداء للامة و مصالحها (البند 3 من المبدأ الاول ، المادة 1،8،11 ،15. لذا فإن مصطلح الشعب الالمانى و الوطن والدولة الالمانية الموحدة يتطابق من حيث المضمون مع مفهوم الامة العربية العربية و الوطن العربى الموحد لدى البعثية مع اختلاف التسمية.
عمد الحزب النازى الى اجلاء اليهود والغجر من المانيا منذ تسلمهم دفة الحكم بالتحديد منذ عام 1933 و اشتد عند صدور قانون نورمبيرغ فى 15/9/1935 لتصنيف الاعراق و من ثم استغلال ظروف الحرب العالمية الثانية و اللجوء الى الحل تطبيق النهائى المتمثل بالإبادة الجماعية لليهود فى حملات الهولوكوست ، وطبق حزب البعث نفس السياسة ، ففى استلامهم الاول للحكم فى عام 1963 نفذت مذبحة بحق الكورد الفيليين فى بغداد و عند استلامهم السلطة ثانيا فى علم 1968 بادر الى تنفيذ نفس السياسة النازية بدءا بتسفير الكرد الفيليين منذ عام 1970 بحجة التبعية الايرانية و تباعا الى نهايةالسبعينات و من ثم ترحيل الكورد فى مناطق اخرى من كوردستان الى الجنوب و اسكان العرب مكانهم ابتداءا من اواسط السبعينيات ولغاية نهاية التسعينيات و استغلال ظروف الحرب مع ايران لتنفيذ سياسة الحل النهائي ضد الكورد فى عمليات الانفال .
– على الرغم من اختلاف وصول كل من الحزبين النازي والبعثى للحكم الا ان طبيعة نظام الحكم فى البلدين يتشبهان فى كثير من الجوانب ، منها تفرد الحزب الحاكم بالسلطة و حظرنشاط بقية الاحزاب السياسية، تهميش الحياة النيابية والبرلمان و تجميع جميع السلطات السياسية والإدارية و الاقتصادية فى يد مجموعة محدودة العدد و الموالية ولاءً تاما لرئيس الدولة و تقديس شخصيته، عدم احترام اية تعهدات و اتفاقات مع الدول الاخرى ( نقض اتفاق عدم الإعتداء بين هتلر و الاتحاد السوفيتى و مهاجمتهم اثناء الحرب العالمية الثانية ، و إلغاء اتفاق الجزائر بين صدام حسين و نظام الشاه فى ايران الموقع فى عام1975)، السياسة التوسعية للحكومتين (احتلال اوروبا و التوسع الى شمال افريقيا من قبل الالمان وختاما الحرب العالمية الثانية بالإضافة الى الحرب الداخلية ضد اليهود و الغجر بهدف إبادتهم ، و فى العراق الحرب العراقية الإيرانية و احتلال الكويت والحرب الداخلية ضد الكورد بهدف إبادتهم) ، تصدير افكار النازية والبعثية الى اماكن اخرى خارج حدود الدولتين ، التركيز على تقوية الترسانة العسكرية على حساب التطور الإفتصادى والإجتماعى فى البلدين، سيطرة المؤسسات المخابراتية و العسكرية التابعة للجهاز الحزبى التابع لرئيس الدولتين على جميع شرايين الحياة المختلفة و تهميش دور المؤسسات المدنية، النظرة الدونية للشعوب والقوميات الاخرى ( فالحزب النازي يعتبر اليهود والغجر لا يستحقون الحياة و يدعوا الى تصفيتهم ) “مصدر سابق” بينما يذكر خيرالله طلفاح الذى يعتبر المربى العقائدى لصدام حسين “ثلاث كان المفروض ان لا يخلقهم الله اليهود والفرس والذباب” اقوال خيرالله طلفاح” كذلك نعت الايرانيين بالمجوس اثناء الحرب الايرانية العراقية للحط من شأنهم ) ، كذلك اسس هتلر فرق الطلائع من الشباب و طلاب المدارس و قد عمل على توفير كافة المستلزمات الحياتية لهم ليكونوا نواة الجيل الجديد للنازية ، كذلك اسس جيشا شعبيا “غير نظامى” و وضع له مادة خاصةفى الدستور “المادة 22” ، و فى العراق اسس حزب البعث ما يسمى بطلائع البعث من نفس الشريحة اى الشباب و طلاب المدارس مع توفير رعاية خاصة من خلال تميزهم عن بقية الطلبة ، كذلك اسس جيشا غير نظامى و اسماه “الجيش الشعبى” اثناء الحرب العراقية الايرانية، استعمال الاسلحة الفتاكة فى الحروب و فى محاربة المناوئين الداخليين و الخارجيين و محاولة الحصول على السلاح النووى ، اصدار قوانين للإصلاح الزراعى والتجارى و محاربة ومصادرة اراضي الملاكين و ضرب الرأسمالية الغير موالية و تشجيع الطبقة المتوسطة للإحلال محلها “مواد من دستور الحزبين”، القيام بتنفيذ اثنتان من ابشع جرائم القرن العشرين ، تسخير الاعلام لغسل دماغ الشعب بافكارهما ، الهزيمة فى الحرب و الدمار الشامل لكلتا البلدين، و اخيرا وليس آخرا تهميش المرأة وجعلها آلة انجاب وخدمة لغرض زيادة النسل و دعم الآلة الحربية المادة 39 من دستور البعث اما الاعلام النازي فيحدد مكان عملها و نشاطها فى “الاطفال ، الكنيسة والمطبخ” [39].
بالإضافة الى تلك النقاط المشتركة فهناك نقاط اختلاف يجب ذكرها على الرغم من قلتها فعلى سبيل المثال السلطة فى المانيا كان مركزيا ومحتكرا على هتلر بإعتباره القائد الاوحد “دكتاتورية” يساعده بعض المساعدين من كبار رجال الجيش و الامن دون مشاركة افراد العائلة فى الحكم، بينما كانت السلطة فى العراق محتكرة على صدام حسين بإعتباره القائد الاوحد “دكتاتورية” وافراد عائلته و اقاربه الموالين له بالإضافة الى بعض رجالات الجيش و الامن والمخابرات والذين كان يتم تغييرهم حسب مدى الولاء و المهمة ، عمل الحزب النازي على تطوير الصناعة بشكل عام و التطور التكنولوجى وبناء اسس اقتصادة صناعية مع التركيز على الجانب العسكرى، بينما اعتمد حزب البعث على الاستيراد الخارجى و جعل الشعب مستهلكا اكثر مما هو منتج مع التركيز على الجانب العسكرى و جلب التقنيات الحديثة فى هذا المجال، اختار الحزب النازي طريقة الإبادة الجماعية لليهود والغجر كحل نهائى بينما اتبع حزب البعث و النظام العراقى سياسيتى الإبادة الجماعية و الترحيل سويا كحلين متزامنين مع بعضهما البعض، شرع النظام الهتلرى قانون فصل الاعراق “قانون نورمبيرغ ” بينما لم يشرع النظام البعثى قانونا مشابه له ولكنه طبق مبدا التمييز العنصرى و المذهبى فى ترقى المناصب العليا فى الدولة و الاجهزة الحساسة، طبق النظام البعثى نظام مجانية التعليم على كافة المراحل و لكافة الشعب العراقى بينما اقتصر مجانية التعليم فى المانيا النازية على الفقراء الكفوئين، وقع العراق وثيقة اتفاق الحكم الذاتى لمنطقة كوردستان مع الكورد على الرغم من التملص من تنفيذ الإتفاقية بينما سحبت المانيا النازية حق المواطنة من جميع الذين لا تجرى فى عروقهم الدم الالمانى.
– هناك تشابه كبير في نشأة كل من هتلر و صدام حسين و توجهاتهم الفكرية و نشاطهما السياسى قبل تسلم السلطة ، حيث كانت مهمة هتلر اثناء و جوده فى الجيش بعد الحرب العالمية الاولى هى ضرب التنظيمات اليسارية وقمع حركاتهم، وبعد ذلك تاسيس جهاز امنى خاص بالحزب النازي للتجسس على المناوئين و ضربهم، المهمة ذاتها انيطت بصدام حسين وهو اول من اسس جهاز امنى خاص بحزب البعث بعد سقوط اول حكومة بعثية فى العام 1963 و كان مسؤلا عن التجسس على المناوئين لحزب البعث والحزب الشيوعى و ضربهم.
كذلك هناك تشابه فى كيفية اختيار كل من هتلر و صدام حسين من قبل مؤسسي الحزبين و ابراز دورهما ، ففى المؤتمر العام لحزب العمال الالمانى يظهر هتلر قابليته فى الخطابة و عداءه المقيت لليهود والشيوعية و ايمانه بضرورة التخلص منهم لبناء المانيا الموحدة يتقرب منه احد مؤسسى الحزب انتون د ريكسلر Anton drexler و يهديه كتابه عن العداء للسامية واليهود والذى يعتبر نواة افكار الحزب و دستوره فيما بعد، اما صدام حسين فيقع الاختيار عليه من قبل مؤسس الحزب ميشيل عفلق بعد هروبه الى دمشق اثر مشاركته فى المحاولة الفاشلة لإغتيال عبدالكريم قاسم و يعطيه صفة العضوية و من ثم يرقيه الى عضوية القيادة القطرية على الرغم من معارضة بقية الاعضاء القياديين.
الاستنتاجات
يتضح مما تقدم ووفقا للوثائق و الوقائع التى رافقت فترة نشوء الحزبين والسياسة التى اتبعتهما قبل و بعد تسلمهما للسلطة بان الحزبين يتطابقان فى اغلب المجالات الفكرية واسلوب الحكم حتى فى اسلوب اندحارهما و الدمار الذى خلفه كل منهم ، بحيث توصِلنا الى الاستنتاج التالى:
ان للحزبين برنامج ايديولوجى و سياسي واحد الى الحد الذى يمكننا ان نقول حزب البعث انبثق استنادا على افكار و مبادئ الحزب النازي، على الرغم من فرق التسمية و ساحة العمل وأن التغييرات الذى أحدثها مؤسس حزب البعث ومنظره ميشيل عفلق ما هو الا تغييرات طفيفة و تبديل العدو الثالث للنازية الذين هم الغجر بالكورد و البربر، كذلك طرح مبدأ الانصهار فى البوتقة العربية و الانسلاخ القومى لهم قبل الطرد او الإبادة وذلك بسبب كثرة القوميات والمجاميع العرقية والاديان والمذاهب المختلفة و العريقة فى الوطن العربى كالـ الكورد، الآثوريين، الكلدان، السريان، المارونيين ، التركمان، الأرمن، الجركس، القبطيين، البربر، الطوارق وغيرهم ، إضافة الى كثرة الاديان كالـ المسلمين ، المسيحيين، اليهود، الصابئة، الأيزيدية و القبطية …. ومذاهب مختلفة لذا فمن المتعذر على حزب البعث معاداة هؤلاء جميعا فى آن واحد لذا فإن اختيار الانصهار القومى والإنتماء الكامل للقومية العربية كفيلة للوصول الى غاياته.
و ثمة احداث تؤكد هذا الاستنتاج اولا و بدءًا بالفترة التى قضاها مؤسس الحزب ميشيل عفلق فى فرنسا فى الاعوام 1928-1932 حيث كانت اوروبا تعيش فترة نشاط سياسى و تقلبات ايديولوجية و اقتصادية و تناحر القوى الكبرى بريطانيا ، فرنسا ، الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد السوفيتى التى بدأت تأخذ مكانة فى الساحة السياسية الاوروبية ، كذلك النجاح الذى احرزه كل من موسولينى و هتلر فى تمرير الفكر القومى المبنى على العنف لمواجهة اعدائهم، فعلى الرغم من الغموض الذى يحيط بنشاطات ميشيل عفلق فى فرنسا و عدم توفر وثائق على تلك الفترة من حياته ، ولكن إذا نظرنا الى سيرة حياة ميشيل عفلق الذى كان من الشباب الناشطين سياسيا قبل سفره كذلك علاقته بـ صلاح البيطار و عودتهم سويا الى سوريا والبدأ بالنشاط السياسى فى الأتجاه القومى يجعلنا نعتقد الى حد الصواب بان ميشيل عفلق (على الأقل ) تأثر كثيرا بالافكار النازية، ثانيا العمل على استقطاب العناصر المناوئة لنفس اعداء النازية و الذين لهم إتجاهات قومية فتأييد ثورة رشيد عالي الكيلانى فى العراق مثلا والدعوة و للتذكير هنا تاييد خيرالله طلفاح (المربى العقائدى لصدام حسين) للنازية ضد البريطانيين ، ثالثا تطبيق جميع المراحل التى طبقها هتلر لتحكيم قبضته على الحكم و شرايين المجتمع من خلال التحالف مع القوى السياسية الموجودة على الساحة السياسية ومن ثم تصفيتهم ، رابعا الاعتماد الكامل على برنامج الحزب النازى فى كتابة و طرح دستور حزب البعث [40] ، خامسا و اخيرا دعوة صدام حسين لرئيس حركة النازيين الجدد فى الدنمارك – Jonni Hansn – فى العام 2002 لحضور عيد ميلاده الـ65 ، والذى ارسل مساعده Torben Have نيابة عنه. [41]
دلير محمد على
طالب ماجستير فى العلوم السياسية
الدانمارك
18/12/2007
<><><><><><><><><>
ملحق رقم 1——- جدول يبين ارقام بنود برنامج الحزب النازي المتكرر فى دستور حزب البعث العربى الاستراكى
ملحق رقم 2 —– برنامج الحزب النازى
ملحق رقم 3—— دستور و منهاج حزب البعث
المصادر
-انظر برنامج و منهاج الحزبين [1]
http://en.wikipedia.org/wiki/German_Workers_Party – [3]
– http://en.wikipedia.org/wiki/Treaty_of_Versailles [4]
– الفصل الثانى من كتاب كفاحى [5]
http://www.holocaust-uddannelse.dk/kildetekster/nlovene.asp#10 – [6]
– المادة 13 من دستور الحزب النازي [7]
– المادة 1 و 4 من دستور الحزب النازي [8]
– المادة 5 و7 من دستور الحزب النازي [9]
http://en.wikipedia.org/wiki/Image:Passing_of_the_Great_Race_-_Map_4.jpg – [10]
http://en.wikipedia.org/wiki/National_Socialist_German_Workers%27_Party – [11]
– المادة 12 من دستور الحزب النازي [12]
– المادة 16 من دستور الحزب النازى [13]
– المدة 20 من دستور الحزب النازي [14]
الفقرة الاولى من المبدأ الاول من دستور البعث [15]
– المادة 15 من دستور حزب البعث [16]
– المادة 39 من دستور حزب البعث [17]
– المادة 49 مندستور حزب البعث [18]
– المادة 11 من دستور حزب البعث [19]
– المادة 20 من دستور حزب البعث [20]
-الفقرة الاولى من المبدا الاول – دستورحزب البعث [21]
-كتاب فى سبيل البعث صـ182 [22]
– http://da.wikipedia.org/wiki/Reinhard_Heydrich [25]
http://en.wikipedia.org/wiki/Ali_Hassan_al-Majid [26]
http://en.wikipedia.org/wiki/Adolf_Hitler [27]
http://en.wikipedia.org/wiki/Anton_Drexler [28]
http://en.wikipedia.org/wiki/Rudolf_Hess [29]
http://en.wikipedia.org/wiki/Joseph_Goebbels [30]
http://en.wikipedia.org/wiki/Hermann_G%C3%B6ring [31]
http://en.wikipedia.org/wiki/Joseph_Goebbels [32]
http://sadam.egypty.com/history/sadam_secrets.htm [33]
كان خيرالله طلفاح ضابطا فى الجيش العراقى ومتحمسا للنازية ، طرد من الجيش فى عام 1941 على اثر تأييده للحرب ذد البريطانيين (انظر الحياةالسرية لصدام حسين)
http://en.wikipedia.org/wiki/Izzat_Ibrahim_ad-Douri [34]
http://en.wikipedia.org/wiki/Taha_Yassin_Ramadan [35]
http://en.wikipedia.org/wiki/Ali_Hassan_al-Majid [36]
– فى سبيل البعث صـ110-114 [38]
http://users.cybercity.dk/~bse7304/home.htm [39]
انظر الى جدول تكرار بنود برنامج الحزب النازي فى بنود دستور حزب البعث فى نهاية البحث [40]
الدنماركية العدد 355 الصادرة بتاريخ 27/8/2007 صـ 12 BT صحيفة [41]
ملحق رقم 1
جدول يبين ارقام بنود الدستور الالمانى المتكون من 25 بندا و تكرارها فى ارقام مواد دستور حزب البعث
رقم المادة فى الدستور النازى رقم المادة فى دستور حزب البعث
نیسان 08, 2022 1
ئازار 17, 2015 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە الأمم المتحدة: فظائع داعش في العراق قد ترقى إلى الإبادة الجماعية
ئازار 17, 2015 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە حقوق الإنسان: مشروع لشمول الفيليين بامتيازات رفحاء ولا نملك بيانات دقيقة عن ضحاياهم
شوبات 27, 2025 0
ئاب 11, 2020 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە دیداری ئەنفال : حەسەن محەمەد سێدەری چیرۆکی خۆیان وگوندەکەی دەگێڕیتەوە.
ئاب 10, 2020 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە مستەفا قادر پیرۆت دەربارەی كیمیبارانی هەوارەخۆڵ دەدوێت .
ئاب 10, 2020 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە دیداری ئەنفال .. ئەو رۆژەی كە لێبوردنە گشتیەكە دەرچوو، براكەی من لە نوگرەسەلمان گیانی لەدەستدا.