تشرینی دووهەم 13, 2024 Omer ئهرشیف, الكورد والابادةالجماعية 0
“أن تكون إنسانا”.. تجارب مؤلمة يرويها الناجون من الإبادة الجماعية
كتاب يستعيد أحداث الأنفال أكثر جزء مظلم من تاريخ الأكراد.
نشرة هذا المقال من جریدة العرب
الأحد ١٠/١١/٢٠٢٤- عدد (١٣٣٠٧) ص ١٠
إبراهيم صادق
يعد كتاب “أن تكون إنسانا؛ الحداثة السياسية والضيافة في كردستان العراق” لفاضل مورادي، بأسلوبه الفريد والجذاب، مساهمة قيمة في الدراسات الكردية وأدب الإبادة الجماعية.
الكتاب يعزز الدعوة إلي قول “لن يحدث هذا مرة أخرى”، (Kellner, H., 1994)، في حين ينقل بشكل واضح المعاناة الإنسانية التي تعقب مثل هذه الفظائع. ومن خلال شهادات الناجين من عمليات الأنفال التي فرضت علي الشعب الكردي في العراق بين عامي 1987 و1988. يلتقط الكتاب الألم الجسدي والعاطفي الذي تحمّله الناجون بما في ذلك تشويه الهوية وفقدان الشخصية الإنسانية نتيجة للصدمة التي تعرض لها الناجون.
الموضوعات والدوافع
لقد اختار المؤلف محتوي ممتازا، وسلط الضوء علي الجانب الجزئي من القضية، وأدرك وضع الناجين من الإبادة الجماعية. إن الاندماج مع حياة الناجين وتجاربهم ليس بالأمر السهل ولا المريح، إنه مؤذ ومرهق من الناحية النفسية، لكنه في كل الأحوال ضروري ومطلوب.
أعرف الكثير من التفاصيل عن الإبادة الجماعية للشعب الكردي، خاصة حملات الأنفال، لكن تركيزي كان منصبا علي المستوي الكلي وليس جزئيات حياة الأفراد الناجين من المذابح. لقد قدم لي هذا الكتاب إضافة مهمة، حيث سمح لي بإعادة زيارة الأماكن “روحيا وفكريا” التي زرتها من قبل والتواصل بشكل أكثر وضوحا، مباشرة مع الناس
لقد ساعدتني قراءته علي الفهم والإحساس بالألم بطريقة لامست روحي بعمق.
أمّا عن بنية الكتاب، فأولا، الأحداث مرتبة بعناية وعناوين دقيقة للغاية. وثانيا، تجربة المؤلف وعمله علي هذه القضية تظهر بوضوح وأنا أدرك مدي الألم العاطفي الذي يسببە هذا الموضوع. ومع كل خطوة يترك الحزن سواء كان إنسانيا أم بيئيا، أم وطنيا، تأثيره علي القلب والعقل.
إن مناقشة الموضوعات الرئيسة تستغرق وقتا طويلا. فمنذ البداية، سلط المؤلف الضوء علي نقطة مهمة، ألا وهي قضية الضيافة، التي يشار إليها باعتبارها “ضيافة أنثروبولوجية”. وقد نجح في ربط الماضي بالحاضر بشكل جميل، فجلب الضحايا إلي اللحظة الحالية وعبّر عن أحلامهم وتطلعاتهم من خلال عيون الناجين.
لقد ذكرني هذا النهج بمنهجية العالم الألماني نوربرت ألياس، التي تؤكد علي أن الماضي مهمّ لفهم الحاضر، كما هو مهمّ لفهم المستقبل (Hopkins G. 2008) فمن خلال زيارة الناجين، وقضاء أيام في المناطق المتضررة من الإبادة الجماعية ومشاركة الضيافة والتفاعلات التي عاشها، يغمر القارئ مباشرة في الأحداث. ومن خلال ذلك، فهو لا يقدم حياة الناجين وحسب، بل يقدم أيضا تجارب الحياة الواقعية الغنية لأمة بأكملها.
يصوّر المؤلف أشخاصا أرادوا ببساطة أن يعيشوا، لكن لأسباب خارجة عن إرادتهم، حرمهم الظالم من حياة كريمة ومبادئ الوجود الطبيعي، مثل تلك التي تتمتع بها الأمم في جميع أنحاء العالم.
تؤكد الموضوعات الرئيسة للكتاب علي مفاهيم مثل الحب والقوة والعدالة والهوية والحرية، وأن البشر مدفوعون بطبيعتهم بالحب والألم، ورغبتهم النهائية هي تحقيق العدالة والبحث عن الهوية، وفي النهاية، الحصول علي الحرية وهو حق أساس لجميع البشر، بغض النظر عن الدين أو العرق أو المكان والزمان. بينما يسعي القمع بكل أشكالە إلي حرمانهم من هذه الحقوق الإنسانية الأساسية.
ن الدوافع واضحة؛ بالنسبة إلى الإنسان الكردي، ليس من الواضح وحسب بل من الواجب عليهم أن نروي الأحداث كما هي، وأن يقولوا للقارئ “كنا هنا، لكن كانت هناك قوة لم تكن تريد لنا أن نعيش مثل أيّ شعب آخر في هذا العالم”. لقد رأيت هذا الدافع منسوجا بين السطور، خاصة التباين بين حياة الناجين من العنف السياسي أثناء حملات الأنفال.
تحليل الشخصيات
إن تسليط الضوء علي الشخصيات الرئيسة في الكتاب، وكشف حياتها ومشاعرها ورغباتها في الاستمرار في العيش عبر أبعاد متعددة أمر حكيم وذو أهمية. الارتباط بين المكان والحياة أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الباحث. كانت هذه الأماكن حيث ازدهرت الحياة ذات يوم، فقط لتدمر عندما وصل الغزاة، وأحرقوا الأرض وشعبها. يعود المؤلف إلي نفس هذه المواقع ليذكرنا جميعا بأن الحياة كانت موجودة هنا، علي الرغم من أن الغزاة سعوا إلي إخمادها ومنع الحياة فيها.
لقد تم تشجيع الناجين من الإبادة الجماعية، الذين كانوا متمسكين بشدة بالأرض، علي العودة إلي نفس الأماكن التي كانت تفوح منها رائحة الموت ذات يوم. إن التفاعل مع هذه الشخصيات وإعادة زيارة أيام معسكرات الاعتقال، وإحياء الذكريات التي تستنزف عواطف الناجين والقارئ علي حد سواء، يكشف عن الطبيعة الحقيقية للمنتهكين والنظام الذي ارتكب الإبادة الجماعية.
بشكل غير مباشر، يخبرنا المؤلف بأن الجنود الذين جاؤوا إلي هنا كانوا غزاة، حيث لا يمكن لأيّ جندي وطني أن يعامل مواطنيە بهذه الطريقة الوحشية. فالتصرف عنوان التصور.
إن أحد أكثر النقاط إثارة للقلق هو الدور الذي لعبه الذين سمّوا “بالجحوش”، من بني جلدة ضحايا حملات الأنفال، الكرد الذين تحالفوا مع الغزاة ضد شعبهم وأرضهم، فصاروا جسرا للإبادة الجماعية التي تعرضت لها أمتهم. إن وجودهم يشكل وصمة عار في جبين التاريخ لكنە في القوت نفسە يشكل ظاهرة تستحق التحقيق. فقد حدث هذا النوع من الخيانة بين العديد من الأمم خاصة عندما تقع أمة تحت سيطرة أمة أخري لا تحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان والأخلاق الكريمة.
لقد خلق المعتدون بيئة اقتصادية واجتماعية ونفسية عززت الجريمة والدمار، لذا أعتقد أن هذه الجماعات المسلحة كانت تتألف من أفراد ناطقين باللغة الكردية، تم تدريبهم علي التخلي عن ضمائرهم وولائهم ومواطنيهم، والاستسلام بدلا من ذلك لرغبات وإستراتيجيات المحتل مقابل حفنة من الدنانير. يقارن المؤلف بشكل غير مباشر بين البطل؛ البيشمركة (Lortz M.G. 2005)، والخصم، الجحوش (Mohammadpour, A. and Soleimani K. 2021:10) ، من خلال عدسة الشخصيات الرئيسة – الناجين – فإنه يهدف إلي نقل رسالة مهمة. إن منح الامتيازات للمتواطئين بدلا من تقديمهم للعدالة يشكّل تهديدا كبيرا لمستقبل المجتمع الكردي، وأيّ جريمة تترك دون عقاب تصبح في نهاية المطاف تهديدا خطيرا، حيث من المرجّح أن يكرر مرتكبوها جرائمهم.
في الصفحات الأخيرة للكتاب، يذكر المؤلف بشكل خفي اسم المشتبه به الرئيس، طارق رمضان، الطيار المسؤول عن إسقاط القنابل السامة علي حلبجة، (Zebari A.H. 2009) وبدلا من محاسبته،سمح لە بالفرار بهدوء إلي مكان مجهول. والأكثر مأساوية هي قصة نزار الخزرجي الذي لم يذكر اسمە في الكتاب، لكنە مدرج علي قائمة المشتبه بهم المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية العراقية العليا.
كان نزار الذي شغل منصب رئيس الأركان أثناء حملات الأنفال، يشغل منصبا أكثر قوة والأكثر تأثيرا من منصب الضابط النازي أدولف أيشمان (Rosenbaum E.M. 2011)، فقد أصدر نزار الأوامر بنفسە وقاد الجيش في ارتكاب الإبادة الجماعية. وقد تم تهريبه لاحقا بمساعدة كردية.
ورغم أن نزار أعتقل في فنلندا، وكان من المقرر محاكمته فقد هرّبه وسيط كردي. ويمثل هروبه مثل هروب رمضان، فصلا مؤلما في هذا التاريخ. وقائمة هؤلاء الأفراد طويلة، وفي أي ظروف أخري فإن هذه الحالات تعتبر فضائح يندي لها الجبين. وفي كل الأحوال، تجب محاسبة كل من مكّن هؤلاء المتهمين من الإفلات من العدالة، لأن مساعدة المتهم تعني التواطؤ مع جرائمه. إن الظاهرة التي يسلط الكتاب الضوء عليها يمكن أن تكون موضوعا مهما لدراسة مستقلة وتقييم متعمق.
بنية الحبكة
بنية الحبكة في الكتاب استثنائية. فمنذ البداية، تجذب القارئ إلي الأحداث، مما يخلق شعورا بالتوتر والترقب لنتائجها. تتبع القصة مخططا زمنيا للأحداث الرئيسة، بنحو يمكن وصفه بأنه تحفة أدبية.
يشكل هذا الهيكل العمود الفقري للقصة، حيث يبدأ بوضوح عند نقطة محددة ويتقدم من خلال سرد الأحداث والشخصيات والأصدقاء والمتعاونين مع المؤلف، بما في ذلك الناجون والمتفرجون والمشاركون في الأحداث نفسها، مما يؤدي إلي الذروة. علي طول الطريق، يعترف المؤلف بالتعاون والدعم الذي قدمە العديد من الأشخاص سواء كانوا من الناجين أم من المهتمين بقضيە الإبادة الجماعية.
يبدأ الكتاب بمقدمة مهمة، تمهد الطريق من خلال تحديد العناصر الرئيسة: البيئة والشخصيات الرئيسة، والموقف العام. تحدد هذه المقدمة نبرة بقية الكتاب. ثم تغمر القصة القارئ في مجال الأحداث. الضحايا هم محور السرد، حيث يجذبون القارئ إلي تجاربهم المروعة. ننتقل إلي ما يبدو وكأنه يوم القيامة، حيث لا تستطيع الأم إنقاذ طفلها. المشاهد مفجعة، حيث يقوم الجنود إلي جانب الميليشيات والمرتزقة، بجمع الناس وسحبهم إلي معسكرات الاعتقال. يتم فصل الرجال والنساء والأطفال بالقوة، مع نقل العديد منهم إلي طابور الإعدام.
ومن اللافت للنظر بشكل خاص، تكرار مشاهد المأساة في أماكن مثل كوبتبة (Goptapa) وكوريمي (Koremi)، الأماكن التي جرت فيها مذابح يعجز اللسان عن وصفها. ويختتم الكتاب برسوم بيانية وصور لحملات الأنفال (Black G. 1993)، بما في ذلك العديد من الخطوط المؤثرة التي رسمها الفنان الكردي عثمان أحمد علي الورق (Culture Project 2017)، مما يوفر تمثيلا بصريا قويا للأحداث.
تنعكس جميع العناصر الأساسية للرواية في السرد: الدافع وراء الصراع، واللحظة التي يبدأ فيها التوتر، والمشكلة المركزية التي تحرك مسار الأحداث. تحتوي القصة أيضا علي تطورات وتعقيدات، حيث تتصاعد التوترات مع تفاعل الشخصيات مع الصراع، وتظهر تحديات جديدة.
ينعكس هذا في المظالم التي يتم التعبير عنها بسبب فشل السلطات الكردية في إيلاء الاهتمام الكافي للأكراد، يتأرجح السرد إلي لحظة حاسمة عندما يصل التوتر إلي ذروته، مما يؤدي إلي نقطة تحول حاسمة، المحاكمة في المحكمة الجنائية العليا، حيث يقف صدام حسين وابن عمە علي حسن مجيد كمتهمين. من هناك، يبدأ الصراع في التراجع، وتتحرك القصة نحو مسار آخر، المعبّر عنه من خلال الخطوط العريضة والرسوم التوضيحية الفنية. ما تبقي هو الذكريات والألم المستمر للناجين. تنتهي القصة بمحاولة الوصول إلي نهايات غير واضحة المعالم، وإيجاد حل للسرد سواء من خلال خاتمة سعيدة أم مأساوية أم مفتوحة للنهاية.
تعتبر حملات الأنفال، التي أعلنتها المحكمة الجنائية العراقية العليا، إبادة جماعية، واحدة من أخطر الجرائم التي ارتكبتها الدولة العراقية تحت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، وكانت للحملة أهداف متعددة.
أولا: كان الهدف من الحملة تدمير البيئة والبنية الأساس في جنوب كردستان. ولم تتعاف المناطق الريفية المتضررة من حملات الأنفال بشكل كامل ولم تعد إلي حالتها الطبيعية أو إلي حالة ما قبل الحملات. ودمرت الزراعة والثروة الحيوانية، العمود الفقري للاقتصاد الكردستاني تماما، وما تزال المناطق المستهدفة التي كانت ذات يوم موارد اقتصادية حيوية للشعب الكردي، معطلة حتي يومنا هذا.
ثانيا: بالإضافة إلي قتل عشرات الآلاف من المدنيين من المناطق الريفية، ألحقت الحملة أضرارا جسيمة ودائمة بالتركيبة السكانية للقرى الكردية التي تم تدميرها والتي تجاوزت الأربعة آلاف قرية ونواح وأقضية مأهولة بالسكان، كما يعبّر عن ذلك المؤلف. لم تسفر حملات الأنفال عن موت جماعي فحسب، بل تركت الشعب الكردي أيضا منفصلا عن ذكرياتە التاريخية وهويتە الثقافية، مما أدي إلي شعور عميق بالغربة والخسارة وصدمات نفسية عميقة ما يزال يعاني منها معظم السكان.
من خلال أصوات الناجين، يعيد المؤلف عذابات الأكراد والصور الحزينة التي ما زالت تعاني منها المناطق التي تعرضت لغضب العنصرية المقيتة، ويروي الأحداث ويلقي الضوء علي التجارب الإنسانية لأولئك الذين عاشوا الإبادة الجماعية.
نیسان 08, 2022 1
ئازار 17, 2015 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە الأمم المتحدة: فظائع داعش في العراق قد ترقى إلى الإبادة الجماعية
ئازار 17, 2015 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە حقوق الإنسان: مشروع لشمول الفيليين بامتيازات رفحاء ولا نملك بيانات دقيقة عن ضحاياهم
شوبات 27, 2025 0
ئاب 11, 2020 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە دیداری ئەنفال : حەسەن محەمەد سێدەری چیرۆکی خۆیان وگوندەکەی دەگێڕیتەوە.
ئاب 10, 2020 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە مستەفا قادر پیرۆت دەربارەی كیمیبارانی هەوارەخۆڵ دەدوێت .
ئاب 10, 2020 لێدوان نووسین ناچالاککراوە لە دیداری ئەنفال .. ئەو رۆژەی كە لێبوردنە گشتیەكە دەرچوو، براكەی من لە نوگرەسەلمان گیانی لەدەستدا.